السبت، 28 مارس 2009

تجاعيد قلبي



تجاعيد قلبى
أنا أنسة أعمل فى شركة قطاع خاص مديرة مكتب رئيس الشركة وهو شاب فى مثل عمري ولكنه ثرى بالوراثة وأنشأ تلك الشركة وكنت زميلة لأحد زملاؤه فى الجامعة فرشحنى للعمل وتم اختيارى كان هذا منذ ما يقرب من عشرين عام ومازلت أعمل فى نفس الشركة تزوج صاحبها وأنجب وجاء زملاء شباب وتزوجو وأنجبو والكل يحبنى ويحترمنى لأنى أكن للجميع الحب والأحترام وأقوم بعملى على أكمل وجه أما عن شكلى فأنا بالفعل فوق متوسط الجمال وأن كنت فى الجامعة أشعرنى كثير من الزملاء والزميلات بأنى جميلة فأنا بيضاء طويلة رشيقة عيناى لونها عسلى فاتح جدا تعلو وجهى ابتسامة رقيقة شعرى بنى يميل للأصفرار صوتى رقيق ثقافتى فى اللغة عالية ولدى لكنة خاصة وهذا ما جعلنى مميزة فى عملى فللشركة تعاملات عالمية ونحتاج فيها للغة وهكذا مر العمر لا أعرف كيف، عرض على الزواج من كثيريين ولا أذكر الآن لما كان لا يتم زواجى يأتى الرفض منى أو من الآخريين المهم أن السنوات مرت وأصبحت فى الثالة والأربعين من عمرى ربما لا يبدو على لاهتمامى بمظهرى واحساسى المتجدد وانشغالى بالعمل والعلاقات العامة جعلانى أبدو أكثر حيوية من مثيلاتى الآخريات فأكثرهن زاد وزنهن وترهلن وارتدين الحجاب فبدون أمهات مسنات ولكنى محتفظة برشاقتى وأحافظ على أناقتى وأغير لون شعرى وقصته كل فترة فمظهرى جزء من عملى وأيضا أصبح جزء من شخصيتى..المهم منذ شهور جاء موظف شاب وعمل بالشركة يقارب على الثلاثين كله حيوية ذكى طموح وتعاملنا جيدا لأنى أحب التعامل مع الأذكياء وصار بيننا توافق جميل وبما أن أوراقه لدى فأنا أعرف عمره وأعلم انه يصغرنى بأكثر من عشر سنوات وأتعامل معه كأخ صغير بمنتهى الانطلاق والعفوية والأرتياح أخرج معه اذا احتاج العمل لهذا ولا مانع من تناول الغداء سويا وأحكى لأسرتى وأعتذر عن العودة للبيت بانى معه وسوف أتناول معه الغداء والجميع يعرف أنى أحبه كأخى الصغير وكان هو يبادلنى اهتمام وحب ومرت الشهور ونزداد تفاهما وتناغما فى العمل حقا أسعدنى فبحكم خبرتى مر على كثيريين القليل من يتفهم طبيعة العمل ويجيده ويقدره وكان هو من هؤلاء القليين وكان التفاهم الجميل والارتياح الذى أسعدنى فأجمل شىء يمتعنى هو التعامل مع الأذكياء فجميل ان تتعامل مع انسان ذكي لا تفسر له كل شىء يستوعب دون أن يجهدك يعطيك ما تريد مثلما تريد وقتما تريد ويبدو أننى قد انهكت ولم يعد لدى صبر على هؤلاء قليلى الذكاء الذين يحتاجون تفسير كل شىء مللت من الشرح والتكرار فأسعدنى من يريحنى منهما وجاء يوم وكان يوم ألمى..فقد طلب منى زميلى واخى الصغير أن يتحدث معى فى شىء مهم ورحبت وخرجنا بعد العمل متوقعه منه أن يحكى لى قصة حب له أو يطلب منى مساعده فى شىء ولكن فوجئت ان أخى الصغير يطلب يدى يريد ان يتزوجنى...لم أعرف ماذا أفعل هل أسعد أم أحزن وانتباتنى نوبه ضحك تعجب لها واخذت أعيد عليه سؤالى ماذا قال؟واطلب تكرار الكلمات وأنا فى ذهول وفى ضحك متواصل حتى أنه بدا على وجهه الغضب وفتحت حقيبتى وأخرجت بطاقتى وأعطيته اياها...وبدا على وجهه الذهول ولكنه تمالك نفسه بذكاء وقال وما أهمية هذا قالها وهو يكابر ويحاول اخفاء حزنه من أجلى أكثر من نفسه نعم رأيت الحزن وشعرته فى عينيه لقد حزن من أجلى وتوقفت عن الضحك وانتقل شعور الحزن الى واصبحت الجلسة كئيبة فطلبت منه انهائها وعدت الى المنزل هرعت الى غرفتى أنظر فى المرآة وأرى وجهى الذى لم يفصح عن عمرى ولا أعلم أتلك ميزة أم عيب؟ولكن اذا كانت التجاعيد لا تبدو على وجهى فهى محفورة فى قلبى هناك أعوام طويلة مرت على وأناس كثيريين مرو فى حياتى أنا لم أعد تلك الفتاة الجامعية البسيطة لقد تغيرت لم تعد مشاعرى مرهفة لكل كلمة حب أو غزل أصبحت امرر كل كلمة من خلال عقلى وأحقرها وأسحقها وأراها كلمة مجرد حروف بسيطة لا معنى لها لم تعد تغرينى الاشياء البراقة وكل ما أفعل فى مظهرى ما هو الا جزء من عملى وليس نابع من روحى فروحى باهتة وقلبى يكاد يجف وقد تعدى مرحلة الذبول ولا اعاند الحياة ولا أحاول احياء قلبى ولا أريد له العذاب فبعد قصة حب الجامعة وخيانة حبيبى لا أريد أن أكون أسيرة أى رجل ولا ضعيفة من أجل رجل ولأى سبب أكون تلك الناعمة الخاضعة من أجل كلمة حب او غزل من رجل وما الفائدة؟ كلها كلمات جوفاء يرددها ذلك الصياد وأنا لا أنوى أن أكون فريسة ...وعذرا أخى الصغير ان لم تبدو التجاعيد على وجهى، ولكن لو دققت النظر لرأيت تجاعيد روحى وقلبى وادركت أن الحياة أصبحت ورائى أما أنت فالحياة أمامك ابحث عن من قلبها مازال غضا ليمنحك الأمل والحب ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق